للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعكف عليه القلب، ثم يعده ويمنيه ويوقد على القلب نار الشهوات ويلقي حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة.

منها: أنه يشغل القلب، وينسيه مصالحه، ويحول بينه، وبينها؛ فيفرط عليه أمره، ويقع في اتباع الهوى والغفلة، قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (١) [الكهف: ٢٨].

قال: داود الطائي: كانوا يكرهون فضول النظر (٢).

والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان فإن النظرة تولد الخطرة ثم تولد الخطرة فكره، ثم تولد شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة حازمة فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع، وفي هذا قيل الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده.

قيل: إن حسان بن ثابت رضي الله عنه خرج يوم عيد، فصلى ثم عاد إلى زوجته فقالت له: يا حسان كم رأيت من وجه مليح؟ فقال: والله ما رفعت طرفي ولا علمت ما كان من الناس ولقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نظر إلى ما لا يحل له حرم الله عليه النظر إلى وجهه وألقاه في النار" (٣).


(١) تزكية النفوس (٣٧).
(٢) الورع لابن أبي الدنيا ٦٢.
(٣) صفة الصفوة (٣/ ٣٣٧).

<<  <   >  >>