للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع بن خثيم فلعلها تفتنه (١) وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم، فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب، وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه، ثم تعرضت له حين خرج من مسجده، فنظر إليها فراعه أمرها، فأقبلت عليه وهي سافرة، فقال لها الربيع: كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ أم كيف بك لو قد سألك منكر ونكير؟ فصرخت صرخة فسقطت مغشيا عليها، فوالله لقد أفاقت وبلغت من عبادة ربها أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق (٢).

وكان بالكوفة شاب متعبد لازم المسجد الجامع لا يكاد يفارقه وكان حسن الوجه حسن القامة حسن السمت، فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل فشغفت به وطال عليها ذلك، فلما كان ذات يوم وقفت له على الطريق وهو يريد المسجد فقالت يا فتى: اسمع مني كلمات أكلمك بها ثم اعمل ما شئت: فمضى ولم يكلمها، ثم وقفت له بعد ذلك على طريقه وهو يريد منزله فقالت له: يا فتى اسمع مني كلمات أكلمك بها، فأطرق مليًّا وقال لها: هذا موقف تهمة وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعًا فقالت له: والله ما وقفت موقفي هذا جهالة مني بأمرك ولكن معاذ الله أن يتشوف


(١) هذا من فعل الفساق ولا يجوز.
(٢) كتاب التوابين (٢٦٢).

<<  <   >  >>