للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العباد إلى مثل هذا مني، والذي حملني على أن لقيتك في مثل هذا الأمر بنفسي لمعرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير، وأنتم معاشر العباد على مثال القوارير أدنى شيء يعيبها.

وجملة ما أقول لك أن جوارحي كلها مشغولة بك، فالله الله في أمري وأمرك، فمضى الشاب إلى منزله وأراد أن يصلي فلم يعقل كيف يصلي، فأخذ قرطاسا وكتب كتابا ثم خرج من منزله وإذا بالمرأة واقفة في موضعها فألقى الكتاب إليها ورجع إلى مكانه، وكان فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، اعلمي أيتها المرأة أن الله عز وجل إذا عصاه العبد حلم وإذا عاد إلى المعصية مرة أخرى ستره، فإذا لبس لها ملابسها غضب الله تعالى لنفسه غضبة تضيق لها السموات والأرض والجبال والشجر والدواب.

فمن ذا يطيق غضبه، فإن كان ما ذكرت باطلاً فإني أذكرك يوما تكون فيه السماء كالمهل، وتصير الجبال كالعهن، وتجثو الأمم لصولة الجبار العظيم، وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي فكيف بإصلاح غيري؟ وإن كان ما ذكرت حقًّا فإني أدلك على طبيب هدى يداوي الكلوم الممرضة والأوجاع المرفضة ذلك الله رب العالمين فاقصديه بصدق المسألة فإني مشغول عنك بقوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: ١٨، ١٩].

<<  <   >  >>