للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مخالفتك، وقد عصيتك إذ عصيتك وما أنا بنكالك جاهل، ولكن خطيئة عرضت لي أعانني عليها شقائي وغرني سترك المرخي عليَّ، وقد عصيتك بجهدي وخالفتك بجهلي ولك الحجة علي، فالآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من اتصل إذا قطعت حبلك مني؟ واشباباه، واشباباه قال: فلما فرغ من قوله تلوت آية من كتاب الله: {نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} [التحريم: ٦] الآية فسمعت حركة شديدة ثم لم أسمع بعدها حسًا فمضيت فلما كان من الغد رجعت في مدرجتي، إذا بجنازة قد وضعت، وإذا بعجوز كبيرة فسألتها عن أمر الميت، ولم تكن عرفتني فقالت: هذا رجل لا جزاه الله إلا جزاءه مر بابني البارحة وهو قائم يصلي، فتلا آية من كتاب الله فلما سمعها ابني تفطرت مرارته فوقع ميتًا (١).

والرغبة في الله وإرادة وجهه، والشوق إلى لقائه هي رأس مال العبد وملاك أمره وقوام حياته الطيبة، وأصل سعادته وفلاحه ونعيمه وقرة عينه، ولذلك خلق، وبه أمر، وبذلك أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب (٢).

ويروى أن رجلا علق شخصًا فاشتد كلفه به وتمكن حبه من قلبه حتى أوقع ولزم الفراش بسببه وتمنع ذلك الشخص عليه، واشتد


(١) كتاب التوابين (٢٨٩).
(٢) روضة المحبين (٤٠٥).

<<  <   >  >>