للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفارة عنه، فلم تزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده بأن يعوده فأخبره بذلك الناس ففرح واشتد فرحه وانجلى غمه فجعل ينتظره للميعاد الذي ضرب له فيما هو كذلك إذ جاءه الساعي بينهما فقال: إنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع، ورغبت إليه وكلمته فقال، إنه ذكرني وفرح بي، ولا أدخل مدخل الريبة، ولا أعرض نفسي لمواقع التهم، فعاودته فأبى وانصرف فلما سمع البائس أسقط في يده، وعاد إلى أشد مما كان به وبدت عليه علائم الموت فجعل يقول في تلك الحال:

أسلم يا راحة العليل ... ويا شفا المدنف النحيل

رضاك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل

فقلت يا فلان: اتق الله قال: قد كان فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت، فعياذًا بالله من وسوء العاقبة وشؤم الخاتمة (١).

أيها الحبيب:

قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢٥] فتأمل جلالة المبشر ومنزلته وصدقه وعظمة من أرسله إليك بهذه البشارة وقدر ما


(١) الجواب الكافي (١٩٩).

<<  <   >  >>