للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الأول: بمعنى التفسير، وبيان المعنى، ومن ذلك قول الله عزّ وجل: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: ٣٦] .

ومنه قول جابر بن عبد الله (١) رضي الله عنه: (ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به) (٢) .

ومعنى التأويل هنا التفسير.

المعنى الثاني: بمعنى الحقيقة وهي: ما يؤول إليه الكلام ويرجع إليه، فإن كان الكلام خبراً كان تأويله بهذا المعنى: نفس الشيء المخبر به، وإن كان الكلام طلباً كان تأويله بهذا المعنى هو: فعل هذا الشيء المطلوب.

ومن تأويل الخبر قوله عزّ وجل {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: ٥٣] ، فتأويل الخبر هذا هو حدوث الشيء المخبر به.

وقول الله عزّ وجل: {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً} [يوسف: ١٠٠] ، فالسجود هو الذي آلت إليه رؤيا يوسف عليه السلام.

وأما الاستدلال على الكلام إن كان طلباً، فمنه قول عائشة (٣) رضي الله عنها:

(كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا


(١) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي، أبو عبد الله، أحد المكثرين من الرواية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، له ولأبيه صحبة، كان ممن شهد العقبة، شهد المشاهد غير بدر وأحد منعه أبوه عن حضورها، ت سنة ٧٤هـ وقيل غير ذلك.
انظر في ترجمته: الاستيعاب لابن عبد البر ١/٢٢١، الإصابة لابن حجر ١/٢١٣.
(٢) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ٢/٨٨٧، كتاب الحج، باب حجة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين تزوجت النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد أكملت ست سنوات، كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامة، ت سنة ٥٨هـ.
انظر في ترجمتها: الاستيعاب لابن عبد البر ٤/٣٥٦، الإصابة لابن حجر ٤/٣٦١.

<<  <   >  >>