للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن) (١) أي يعمل به.

وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله الفرق بين نوعي التأويل عند السلف: بأن المعنى الأول يكون التأويل فيه بمعنى العلم والكلام كالتفسير والشرح والإيضاح.

ويكون وجود التأويل - أيضاً - في القلب، وهو وجود ذهني لفظي رسمي في اللسان والكتاب.

وأما المعنى الثاني: فالتأويل فيه نفس الأمور الموجودة في الخارج، سواء كانت ماضية أو مستقبلة، ويكون التأويل من باب الوجود العيني الخارجي، فتأويل الكلام هو الحقائق الثابتة في الخارج (٢) .

وهذان المعنيان لا يذم ابن تيمية رحمه الله إذا أقر بهما، كما يقر بهما السلف الصالح - رحمهم الله أجمعين -.

وقد حدث عند المتكلمين تعريف ثالث للتأويل لم يكن معروفاً عند السلف، ولا في معاجم اللغة المتقدمة، وقد نقل هذا المعنى عن ابن الأثير (ت - ٦٣٠هـ) ، وابن الكمال (٣) ، وغيرهما من المتأخرين.

وهذا المعنى للتأويل عند المتكلمين له تعريفات عدة أشهرها تعريفه بأنه:

صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به (٤) .


(١) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٢/٢٩٩ كتاب الأذان، باب التسبيح والدعاء في السجود، ومسلم في صحيحه ١/٣٥٠ كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود.
(٢) انظر: الإكليل في المتشابه والتأويل ص٢٦.
(٣) ابن الكمال: محمد بن أحمد بن داود بن موسى اللخمي، ابن الكمال، أبو عبد الله، فقيه مقريء، له حظ في اللغة والأدب، تجول في بلاد الأندلس، وقرأ بمرسية، ت سنة ٧١٢هـ.
انظر في ترجمته: الدرر الكامنة لابن حجر ٣/٤٠٥، معجم المؤلفين لكحالة ٨/٢٥٩.
(٤) انظر: أساس التقديس للرازي ص٢٣٥.

<<  <   >  >>