للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ناقش الإمام الواسطي (ت٧١١هـ) رحمه الله الأشاعرة الذين يثبتون بعض الصفات، وينفون بعض الصفات، وحجتهم في نفي ما نفوه من الصفات أنه يستلزم التشبيه فقال:

(لا فرق بين الاستواء والسمع، ولا بين النزول والبصر؛ لأن الكل ورد في النص فإن قالوا لنا: في الاستواء شَبَّهتم، نقول لهم: في السمع شبهتم، ووصفتم ربكم بالعرض (١) ،

وإن قالوا: لا عرض، بل كما يليق به، قلنا: في الاستواء والفوقية لا حصر، بل كما يليق به، فجميع ما يلزموننا في الاستواء، والنزول، واليد، والوجه، والقدم، والضحك، والتعجب من التشبيه: نلزمهم به في الحياة، والسمع، والبصر، والعلم، فكما لا يجعلونها أعراضاً، كذلك نحن لا نجعلها جوارح، ولا مما يوصف به المخلوق) (٢) .

ثم قال: (فما يلزموننا في تلك الصفات من التشبيه والجسمية نلزمهم في هذه الصفات من العرضية.

وما ينزهون ربهم به في الصفات السبع، وينفون عنه من عوارض الجسم فيها، فكذلك نحن نعمل في تلك الصفات التي ينسبوننا فيها إلى التشبيه سواء بسواء) (٣) .

وينبه الإمام ابن قدامة المقدسي (ت - ٦٢٠هـ) رحمه الله إلى أمر مهم ألا وهو سبب نفي المتكلمين صفات الباري - جل وعلا - فظاهر الأمر عندهم هو التنزيه ونفي التشبيه، ولكن حقيقة الأمر هو: إبطال السنن والآثار الواردة فيقول:


(١) العرض: لفظ مجمل يحتمل معان متعددة، وهو هنا: الذي يفتقر إلى غيره ليقوم به، وهو الموجود الذي يحتاج في وجوده إلى موضع، وليس وجوده شرطاً لوجود شيء، ويقابل الجوهر، وهو نوعان: ملازم كلون الإنسان، ومفارق كحمرة الخجل.

انظر: معيار العلم للغزالي ص٢٩٢، التعريفات للجرجاني ص١٤٨، المعجم الفلسفي لجميل صليبا ١/٦٨ - ٧١، المعجم الفلسفي لمجمع اللغة ص١١٨.
(٢) النصيحة في صفات الرب جل وعلا ص٤٢.
(٣) النصيحة في صفات الرب جل وعلا ص٤٣.

<<  <   >  >>