للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ... يبقى كذلك سائر الأزمان

تباً لهاتيك العقول فإنها ... والله قد مسخت على الأبدان

تباً لمن أضحى يقدمها على الـ ... آثار والأخبار والقرآن (١)

وقالت أكثر فرق المتكلمين بامتناع حوادث لا أول لها أي امتناع تسلسل الحوادث المتعاقبة في الماضي: وعمدتهم في نفي تسلسل الحوادث الماضية هو دليل (التطبيق) (٢) ، وصورته: أننا لو افترضنا سلسلتين غير متناهيتين، إحداهما تزيد عن الأخرى، بأن نفرض أن الأولى بدأت من هذه السنة إلى غير بداية في الماضي، وأن الثانية بدأت من العام الماضي، إلى غير بداية في الماضي أيضاً، ثم نطابق بين هاتين السلسلتين، بأن نأخذ الحلقة الأولى من السلسلة الأولى، ونطبقها على الحلقة الثانية من السلسلة الثانية ثم نأخذ الحلقة الثانية من السلسلة الأولى، ونطبقها على الحلقة الثانية من السلسلة الثانية وهكذا، نطبق الثالثة بالثالثة، والرابعة بالرابعة، والخامسة بالخامسة، وهلم جراً، ذاهبين بالتطبيق نحو الماضي.

حينئذٍ لا يخلو الأمر: إما أن يستمر التطبيق إلى غير نهاية، فيترتب على ذلك مساواة الزائد للناقص، وهذا ظاهر البطلان، أو تنتهي الناقصة، فيلزم أيضاً انتهاء الزائدة؛ لأنها قد زادت عليها بقدر متناهي، والزائد بالمتناهي متناهي. وبذلك ينقطع التسلسل، وهو المطلوب إثباته (٣) .

ويوضح ابن تيمية هذا الدليل ويلخصه بقوله: (إذا فرضنا الحوادث من الطوفان والحوادث من الهجرة، وطبقنا بينهما، فإن تساويا لزم أن يكون الزائد كالناقص وهو محال.


(١) انظر: الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (النونية) لابن القيم (ضمن شرحها للهراس ١/٣٦ - ٣٧) .
(٢) ويطلق عليه دليل القطع، والموازاة، والمسامتة، انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ١/٣٠٣، شرح المقاصد للتفتازاني ٢/١٢٠.
(٣) انظره على وجه التقريب: المواقف في علم الكلام للإيجي ص٢٤٦، علم التوحيد عند خُلّص المتكلمين لعبد الحميد عز العرب ص١٤٠.

<<  <   >  >>