للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن تفاضلا لزم فيما لا يتناهى أن يكون بعضه أزيد من بعض. قالوا: وهذا محال) (١) .

وأجيب عن دليلهم بعدة أجوبة منها:

١ - أنا لا نسلم إمكان التطبيق مع التفاضل، وإنما يمكن التطبيق بين المتماثلين لا بين المتفاضلين (٢) .

٢ - جواز وقوع التفاضل الذي منعوه وأحالوه، ذلك أن الحوادث من الطوفان إلى ما لا نهاية له في المستقبل أعظم من الحوادث من الهجرة إلى ما لا نهاية له في المستقبل، والعكس فإن من الهجرة إلى ما لا بداية له في الماضي، أعظم من الطوفان إلى ما لا بداية له في الماضي، وإن كان كل منهما لا بداية له، فإن ما لا نهاية له من هذا الطرف وهذا الطرف ليس محصوراً محدوداً موجوداً حتى يقال هما متماثلان في المقدار، فكيف يكون أحدهما أكثر؟ (٣) .

٣ - أن الاشتراك في عدم التناهي لا يقتضي التساوي في المقدار إلا إذا كان كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى له قدر محدود، وهذا باطل (٤) .

٤ - أن التطبيق إنما يمكن في الموجود، أما التطبيق في المعدوم فممتنع، كما في تطبيق مراتب الأعداد من الواحد إلى ما لا يتناهى، فإنا نعلم أن عدد تضعيف الواحد أقل من عدد تضعيف العشرة، وعدد تضعيف العشرة أقل من عدد تضعيف المائة، وعدد تضعيف المائة أقل من عدد تضعيف الألف والجميع لا يتناهى.


(١) الصفدية ٢/٣٢، ويكرر ابن تيمية المثال نفسه على دليل التطبيق في عامة كتبه مثل منهاج السنة النبوية ١/٤٣٢، درء تعارض العقل والنقل ١/٣٠٤.
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ١/٣٠٤.
(٣) انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية ١/٤٣٢ - ٤٣٣، درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ١/٣٠٤.
(٤) انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية ١/٤٣٣.

<<  <   >  >>