للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الحجة من جنس مقابلة دورات أحد الكوكبين بدورات الآخر، لكن هناك الدورات وجدت وعدمت، وهنا قُدرت الأزمنة والحركات الماضية ناقصة وزائدة (١) .

٥ - أنه يمكن أن يقال: إن دليل التطبيق شامل للماضي والمستقبل فيما لا يتناهى على حد سواء، والإشكال في الحوادث من الهجرة، ومن الطوفان إلى ما لا يتناهى: هل هما متفاضلان؟ أم متماثلان؟

فإن تماثلا فهو محال؛ لأن أحدهما أزيد من الآخر.

وإن تفاضلا فهو محال؛ لأن التفاضل في ما لا يتناهى محال.

ويورد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إشكالاً على لسانهم في نقاش هذه الحجة فيقول: (فإن قيل: هذا تقدير التفاضل والتماثل في ما لم يكن بعد) (٢) ، ويجيب عنه بقوله: (قيل: نعم، لكن تقدير التفاضل والتماثل بتقدير وجوده لا في حال كونه معدوماً، كما أن الماضي قَدرتم فيه التماثل والتفاضل بعد عدمه لا في حال وجوده، لكن قدرتم تلك الحوادث الماضية التي عدمت كأنها موجودة، ففي كلا الموضعين إنما هو تقدير التفاضل والتماثل في ما هو معدوم. فإن صح في أحد الموضعين، صح في الآخر، وإن امتنع في أحدهما امتنع في الآخر) (٣) .

٦ - يقال لهم أيضاً: لا نسلم إمكان التطبيق، فإنه إذا كان كلاهما لا بداية له، وأحدهما انتهى أمس، والآخر انتهى اليوم، كان تطبيق الحوادث إلى اليوم على الحوادث إلى الأمس ممتنعاً لذاته، فإن الحوادث إلى اليوم أكثر، فكيف تكون إحداهما مطابقة للأخرى؟


(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ١/٣٠٤، ٢/٣٦٧، منهاج السنة النبوية لابن تيمية ١/٤٣٣.
(٢) الرد على من قال بفناء الجنة والنار لابن تيمية ص٤٨.
(٣) انظر: الرد على من قال بفناء الجنة والنار لابن تيمية ص٤٨.

<<  <   >  >>