للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما كان التطبيق ممتنعاً جاز أن يلزمه حكم ممتنع (١) .

٧ - أن يقال: كون الشيء ماضياً ومستقبلاً أمر إضافي بالنسبة إلى المتكلم المخبر، فما مضى قبل كلامه كان ماضياً، وما يكون بعده يكون مستقبلاً، وبنسبة أحدهما إلى الآخر: فالماضي ماض على ما يستقبل، والمستقبل مستقبلٌ لما قد مضى، وما من ماضٍ إلا وقد كان مستقبلاً، وما من مستقبل إلا وسيصير ماضياً، فليس ذلك فرقاً يعود إلى صفات النوعين حتى يقال: إن أحدهما ممكن، والآخر ممتنع، بل هذا الماضي كان مستقبلاً، وهذا المستقبل يصير ماضياً، فتتصف كل الحوادث بالمضي والاستقبال، فلم يكن في ذلك ما هو لازم للنوعين يوجب الفرق بينهما (٢) .

ويذكر أبو المعالي الجويني (ت - ٤٧٨هـ) مثالاً يوضح قول المفرقين بين الماضي والمستقبل في التسلسل فيقول: (وضرب المحصلون مثالين في الوجهين، فقالوا: مثال إثبات حوادث لا أول لها قول القائل لمن يخاطبه: لا أعطيك درهماً إلا وأعطيك قبله ديناراً، ولا أعطيك ديناراً إلا وأعطيك قبله درهماً، فلا يتصور أن يعطي على حكم شرطه ديناراً ولا درهماً) (٣) .

ثم يقول: (ومثال ما ألزمونا أن يقول القائل: لا أعطيك ديناراً إلا وأعطيك بعده درهماً، ولا أعطيك درهماً إلا وأعطيك بعده ديناراً ... ) (٤) .

ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن القياس العقلي الذي اعتمدوا عليه في أصل أصول الدين عندهم الذي يبنون عليه نفي أفعال الرب وصفاته أن ذلك قياس باطل من وجوه:

أ - أن قوله: (لا أعطيك حتى أعطيك) نفي للمضارع المستقبل إذا وجد


(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ٢/٣٦٧ - ٣٦٨.
(٢) انظر: الرد على من قال بفناء الجنة والنار لابن تيمية ص٤٩.
(٣) الإرشاد إلى قواطع أدلة الاعتقاد ص٤٧.
(٤) الإرشاد إلى قواطع أدلة الاعتقاد ص٤٧.

<<  <   >  >>