للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول الفلاسفة، وليس ذلك لازماً (١) .

ومن المعلوم أن القول بترجيح الممكن من عدمه بلا مرجح يقتضي ذلك، باطل في بديهة العقل، وهذا مناقض لما يستدل به المتكلمون أنفسهم على قدم الصانع، وحدوث العالم من أن المحدَث لا بد له من محدث، وذلك يستلزم أن ترجيح الحدوث على العدم لا بد له من مرجح، ولا بد أن يكون المحدث المرجح قد حدث منه ما يستلزم وجود المحدث، وكل ما أمكن حدوثه إن لم يحصل ما يستلزم حدوثه لم يحصل (٢) .

ويلزم من قول المتكلمين لوازم فاسدة منها:

١ - أن الله عزّ وجل لم يزل معطلاً عن الفعل: إما أن يكون غير قادر على الفعل ثم صار قادراً عليه من غير تجدد سبب يوجب له القدرة على الفعل.

وإما أن يكون الفعل ممتنعاً في الأزل ثم صار ممكناً من غير سبب اقتضى إمكانه، وهذا يستلزم الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي.

٢ - وصف الله بالعجز والتعطل عن الفعل مدة لا تقاس بها مدة فاعليته، وهذا نقص يجب تنزيه الله عنه.

٣ - أن الحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثاً فلا بد أن يكون ممكناً، والإمكان ليس له وقت محدود، فما من وقت يقدّر إلا والإمكان ثابت قبله، فليس لإمكان الفعل وصحته مبدأ ينتهي إليه فيجب أنه لم يزل الفعل ممكناً جائزاً فيلزم جواز حوادث لا نهاية لها (٣) .


(١) انظر: شرح حديث عمران بن الحصين (ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٨/٢٢٢ - ٢٢٣) .
(٢) انظر: المسألة المصرية في القرآن (ضمن مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٢/٢١٥ - ٢١٦) .
(٣) انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية ١/١٥٦، ١٦١ - ١٦٢، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ١/١١١، شرح النونية لهراس ١/٣٥.

<<  <   >  >>