للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السماوات والأرض لم يكن هو أول مخلوقات الله، فقد سبقه مخلوقات لله سبحانه وتعالى والله أعلم (١) .

وقوله: كان الله: أي فيما مضى من الزمان وهي تنبئ - هنا - عن الأزلية، والأزل ليس وقتاً بعينه مثل قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: ٤٠] .

وقوله: وكان عرشه على الماء معناه: أنه خلق الماء سابقاً ثم خلق العرش على الماء، فوقت خلق السماوات والأرض كان عرشه على الماء، وتبين الأحاديث الأخرى أن القلم خلق بعد العرش، ثم خلق السماوات والأرض وما فيهن (٢) ، ومطلق قوله: (وكان عرشه على الماء) يقيد بقوله: (ولم يكن شيء قبله) والمراد بكان في الأول: الأزلية، وفي الثاني: الحدوث بعد العدم (٣) .

قوله: كتب في الذكر: يعني اللوح المحفوظ كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: ١٠٥] أي من بعد اللوح المحفوظ (٤) .

وأضيفت الكتابة إلى الله تعالى، ولا يلزم أنه - سبحانه - هو الذي يباشر الكتابة بنفسه بل يجوز أن يأمر بذلك ما يشاء، ودليل ذلك حديث عبادة بن الصامت (ت - ٣٤هـ) رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة» (٥) فالمأمور بالكتابة في هذا الحديث هو القلم وهو من مخلوقات الله.


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٨/٢١٧.
(٢) انظر: في ذكر الخلاف: أيهما خلقه أولاً: العرش أم القلم؟: الصفدية لابن تيمية ٢/٧٩، بغية المرتاد له ص٢٧٦، منهاج السنة له ١/٣٦١، فتح الباري لابن حجر ٦/٢٨٩.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر ٦/٢٨٩.
(٤) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٨/٢١١.
(٥) الحديث أخرجه الترمذي في سننه ٤/٤٥٧ كتاب القدر باب ١٧، وأبو داود في سننه ٥/٧٦ كتاب السنة، باب في القدر، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ٢/٢٢٨ - ٢٢٩، ٣/١٢٣.

<<  <   >  >>