للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عارضت قصيدة السبكي (ت - ٧٥٦هـ) قصيدة أخرى (١) جاء فيها:

وخالق قبل مخلوق يكوّنه ... وقاهر قبل مقهور يكون به

وراحم قبل مرحوم فيرحمه ... ورازق قبل مرزوق بأضربه

عن أمره صدر المخلوق أجمعه ... والأمر ويحك لا شك يقوم به

وقد تكلم رب العرش بالكتب الـ ... ـمنزلات كلاماً لا شبيه به

ولم يزل فاعلاً أو قائلاً أزلاً ... إذا يشاء هذا الحق فارض به

هذي حوادث لا مبدا لأولها ... بالنص فافهمه يا نومان وانتبه

إذ هي صفات لموصوف تقوم به ... قديمة مثله من غير ما شُبه

ومذهب القوم مروها كما وردت ... من غير شائبة التكييف والشبه (٢)

وأما دعوى قول شيخ الإسلام بقدم النوع، وأن هذا يستلزم القول بقدم العالم، فيحتاج المجيب عن هذه الدعوى إلى بسط قول شيخ الإسلام حول هذه المسألة، ليُعرف هل قوله يستلزم ما ألزموه أم لا؟

إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أهمية مسألة التفريق بين دوام النوع، وحدوث الأفراد والأعيان، وبيّن أن من اهتدى إلى الفرق بين النوع والعين تبين له فصل الخطأ من الصواب في مسألة الأفعال، ومسألة الكلام والخطاب، وكشف له الحجاب عن الصواب في هذا الباب، الذي اضطرب فيه أولوا الألباب، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (٣) .

وبين رحمه الله أن التفريق بين النوع والعين هو الذي نطق به الكتاب والسنة والآثار، وأن الرب أوجد كل حادث بعد أن لم يكن موجداً له، وأن كل ما


(١) قائلها: أبو عبد الله محمد بن يوسف الشافعي اليمني، لم يعثر له على ترجمة انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية مقدمة التحقيق ١/١٠٩، وتحقيق القصيدة لصلاح الدين مقبول ص٩٩.
(٢) انظر: تحقيق القصيدة مع تحقيق قصيدة الحمية الإسلامية لصلاح الدين مقبول ص١١٥ - ١١٦.
(٣) انظر: الصفدية ١/٦٥، ٢/١٤٠.

<<  <   >  >>