للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل شيء، وكل ما سواه مخلوق له، وكل مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن) (١) .

وأما القول بأن ابن تيمية يرى أن العرش أول المخلوقات فهذا غير صحيح، فترجيح ابن تيمية رحمه الله كون العرش خلق قبل القلم، لا يعني أنه أول المخلوقات، ولم يتعرض لذلك ابن تيمية رحمه الله لا من قريب ولا من بعيد، بل كان كثيراً ما ينبه إلى أن النصوص لم تصرح ولم تدل على إثبات أول المخلوقات، فقال رحمه الله: (وأما في حديث عمران فلم يخبر بخلقه - أي العرش -، بل أخبر بخلق السماوات والأرض، فعلم أنه أخبرنا بأول خلق هذا العالم، لا بأول الخلق مطلقاً) (٢) .

وقال: (وإذا كان إنما قال: (كان الله ولم يكن شيء قبله) لم يكن في هذا اللفظ تعرض لابتداء الحوادث، ولا لأول مخلوق) (٣) .

وقال عن حديث عمران (ت - ٥٢هـ) : (وليس في هذا ذكر أول المخلوقات مطلقاً) (٤) .

وقال عن الحديث السابق: (إن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يقصد الإخبار بوجود الله وحده قبل كل شيء، وبابتداء المخلوقات بعد ذلك) (٥) .

وأما الزعم بأن مذهب ابن تيمية رحمه الله في قدم النوع موافق لرأي الفلاسفة، فهذا غير صحيح من وجهين:

الوجه الأول: أن شيخ الإسلام رحمه الله وافق السلف في إثبات الصفات، وأن الله يفعل ما يشاء متى شاء، وكيف شاء سبحانه وتعالى.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٨/٢٢٨.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٨/٢١٤.
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٨/٢١٦.
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٨/٢١٧.
(٥) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٨/٢٢٠، وبهذا يتبين خلط الشيخ الألباني رحمه الله حين ذكر الخلاف في خلق العرش والقلم أيهما أولاً؟ ورجح أن القلم خلق أولاً، وظن أن القول بأن العرش خلق أولاً معناه أن العرش أول المخلوقات، واتضح خلطه رحمه الله حين قال بأن ابن تيمية يرى أن العرش أول المخلوقات، ثم قال في الصفحة التي تليها بأن ابن تيمية يرى حوادث لا أول لها، فكيف يكون هذا؟

<<  <   >  >>