للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبلها، كما قال الله عزّ وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [هود: ٧] ، وعلى التقديرين فلا يلزم قدم العالم (١) .

٣ - أن القول بقدم العالم يتضمن وجود حوادث لا تتناهى في آنٍ واحد، وهذا محال باتفاقهم مع جماهير العقلاء، بل يتضمن وجود تمام علل ومعلولات لا تتناهى في آن واحد، ووجود ممكنات لا تتناهى في آن واحد، وهذا مما يصرحون بامتناعه، مع قيام الدليل على امتناعه، ويتضمن امتناع وجود حادث، ويتضمن وجود الحوادث بلا مؤثر تام، وكل هذا ممتنع.

٤ - أن وجود حوادث لا أول لها إنما يمكن في القديم الواحد، فإذا قدّر قديمان: كل منهما تقوم به حوادث لا تتناهى، كما يقولونه في الأفلاك، فهذا ممتنع؛ لأن كلاً منهما لا بداية لحركاته ولا نهاية، مع أن أحدهما أكثر من الآخر، وما كان أكثر من غيره كان ما دونه أقل منه، فيلزم أن يكون ما لا أول له ولا آخر يقبل أن يُزاد عليه ويكون شيء آخر أكثر منه، وهذا ممتنع (٢) .

وبهذا يتضح أن ابن تيمية رحمه الله لم يكن يقول بقول الفلاسفة، ولم يكن يرتضيه، بل كان رده عليهم كثيراً وصريحاً في بيان خطئهم.


(١) انظر: الصفدية ١/١٣١.
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل ٨/١٦١ - ١٦٣، وقد فصل شيخ الإسلام الرد على الفلاسفة في قولهم بقدم العالم في كثير من كتبه، إلا أن حديثه عن هذه المسألة تركز في ثلاثة من كتبه تقريباً وهي: الصفدية، ودرء تعارض العقل والنقل وخاصة الجزء الثامن، ومنهاج السنة النبوية الجزء الأول والثاني، وانظر على سبيل المثال: الصفدية ١/٢٠، ٢٧، ٤١، ٥٩، ٧٥، ١٢٨، ١٣٠ - ١٣٤، ٢٣٦، ٢٤٢، ٢٤٣، ٢/١٧٤، منهاج السنة النبوية ١/١٤٨ - ٢١٣، درء تعارض العقل والنقل ٢/١٦٧، ٢٨٢، ٨/١٦١، ٢٩٣، مجموع فتاوى ابن تيمية ١٨/٢٣٤.
وانظر بعد ذلك: تهافت الفلاسفة للغزالي ص٨٩، لباب العقول للمكلاتي ص١٥٤، الذخيرة للطوسي ص١٣ - ٧١.

<<  <   >  >>