للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي (ت - ٦٧٦هـ) رحمه الله في شرحه الحديث: (فيه بيان عظيم فضيلة هذه المساجد الثلاثة، ومزيتها على غيرها؛ لكونها مساجد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولفضل الصلاة فيها) (١) .

ونقل الحافظ ابن حجر (ت - ٨٥٢هـ) رحمه الله خلاف العلماء في حكم شد الرحل إلى غير المساجد الثلاثة كزيارة القبور وغيرها، فنقل عن أبي محمد الجويني (٢) حرمة شد الرحل إلى غيرها عملاً بظاهر الحديث.

وقال بعض الشافعية بعدم الحرمة، ولم يقل أحد من العلماء المعتبرين بسنية السفر لزيارة القبور. (٣)

وذكر الشيخ مرعي الحنبلي (٤) رحمه الله منشأ الخلاف بين القولين، وهو من احتمالي صيغة الحديث (لا تشد الرحال) ، فهي ذات وجهين: نفي ونهي.

فمن لحظ معنى النفي فقط فقد فهم أن معنى الحديث هو: نفي فضيلة واستحباب السفر إلى غير المساجد الثلاثة، وبنى على ذلك جواز قصر الصلاة إن كان السفر مسافة قصر.

ومن لحظ معنى النهي، فالمعنى حينئذٍ يحتمل التحريم أو الكراهة للسفر إلى غير المساجد الثلاثة، وهذا وجه متمسك من قال بعدم جواز القصر في هذا السفر لكونه منهياً عنه، واحتمال التحريم هو الأصل في النهي (٥) .


(١) شرح النووي صحيح مسلم ١٠/١٠٦.
(٢) الجويني: عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني، أبو محمد، عالم في اللغة والفقه والتفسير، سكن نيسابور، ت سنة ٤٣٨هـ.
انظر في ترجمته: وفيات الأعيان لابن خلكان ٢/٢٥٠، طبقات الشافعية للسبكي ٥/٧٣.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر ٣/٦٥.
(٤) مرعي الحنبلي: مرعي بن يوسف بن أبي بكر أحمد بن أبي بكر الكرمي المقدسي، العالم العلامة المدقق المفسر، أحد أكبر علماء الحنابلة بمصر في وقته، من مصنفاته: دليل الطالب، وغاية المنتهى وغيرهما، ت سنة ١٠٣٣هـ.
انظر في ترجمته: الأعلام للزركلي ٨/٨٨، معجم المؤلفين لكحالة ١٢/٢١٨.
(٥) انظر: شفاء الصدور ص١٠٥.

<<  <   >  >>