للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما تفرد شهر بن حوشب (ت - ١٠٠هـ) برواية دون غيره من الحفاظ فلا يعتد بها؛ فهو كثير الأوهام (١) .

وأما السفر إلى موضع للتجارة، أو لطلب العلم، أو لغرض آخر صحيح مما ثبت جوازه بأدلة أخرى فهو مستثنى من حكم هذا الحديث (٢) .

ولم ينقل عن أحد من الصحابة ولا التابعين ومن بعدهم من سلف الأمة، ممن شهد له بالعلم وصحة المعتقد أنه تكلم باسم زيارة قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ترغيباً في ذلك، ولا غير ترغيب، فلم يكن لمسمى هذا الاسم حقيقة عندهم، ولهذا كره بعض أهل العلم لفظة (زيارة القبر) .

وأما الذين أطلقوا لفظة الزيارة إنما يريدون بها إتيان المسجد، والصلاة فيه، والسلام على الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيه، إما قريباً من الحجرة أو بعيداً عنها، إما مستقبلاً القبلة، أو مستقبل القبر (٣) .

وعلى هذا فتكون أحوال زيارة القبر والمسجد النبوي كالتالي:

إن كانت الزيارة بدون شد رحل، فهذه جائزة، ومرغب فيها، ضمن الضوابط الشرعية كزيارة القبور الأخرى، ويزاد عليها في قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم ألا يتخذ عيداً لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» (٤) .

وأما إن كانت الزيارة تحتاج إلى سفر: فينظر في مقصود الزائر: إما أن يريد المسجد فقط، وإما أن يريد القبر فقط، وإما أن يريدهما معاً.


(١) انظر: تقريب التهذيب لابن حجر ١/٣٥٥.
(٢) انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري ٢/٢٨٦ - ٢٨٧.
(٣) انظر: الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي ص٥٩ - ٦٠، ١٦٤، فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم ٦/١٢٦.
(٤) الحديث أخرجه أبو داود في سننه ٢/٥٣٤ كتاب المناسك، باب زيارة القبور، وأحمد في مسنده ٢/٣٦٧، وصحح إسناده النووي في الأذكار ص٩٧، وحسنه الألباني في تحذير الساجد ص١٤٢.

<<  <   >  >>