للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرام، ومسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والمسجد الأقصى) (١) ، وذكر أن هذا هو فعل الصحابة - رضوان الله عليهم - (٢) .

ومشروعية السفر إلى المساجد الثلاثة ليست للوجوب إنما هي للندب والاستحباب، فلم يقل أحد: إن السفر إلى المسجد النبوي أو المسجد الأقصى واجب، مع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد شرع السفر إليهما (٣) .

والمساجد جميعها تشترك في العبادات، فكل ما يفعل في مسجد يفعل في سائر المساجد، إلا ما خص به المسجد الحرام كالصلاة إليه دون غيره، والطواف ونحوه، وأما المسجد النبوي، والمسجد الأقصى، فكل ما يشرع فيهما من العبادات فإنه يشرع في سائر المساجد: كالصلاة والدعاء والذكر، ولا يشرع فيهما جنس لا يشرع في غيرهما، لكنهما أفضل من غيرهما، فالصلاة فيهما تضاعف على الصلاة في غيرهما (٤) .

وفضيلة المسجد النبوي ليس لأجل مجاورته القبر، بل هي ثابتة له في حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يدفن في حجرة عائشة (ت - ٥٨هـ) رضي الله عنها وكذلك هي ثابتة بعد موته، كما أن المسجد الحرام مفضل لا لأجل قبره وكذلك المسجد الأقصى، فكيف لا يكون مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم مفضلاً لا لأجل القبر.

قال رحمه الله: (فمن ظن أن فضيلته لأجل القبر، أو أنه إنما يستحب السفر إليه؛ لأجل القبر فهو جاهل مفرط في الجهل، مخالف لإجماع المسلمين، ولما علم من سنة سيد المرسلين صلّى الله عليه وسلّم، وهذا تنقص بالرسول وبقوله ودينه، مكذب له فيما قاله، مبطل لما شرعه وإن ظن أنه يعظمه) (٥) .

وأما السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة فغير مشروع اتفاقاً، وحرمه الجمهور، مع أن المساجد أحب البقاع إلى الله، كما ثبت في الحديث


(١) الجواب الباهر ص٤٣.
(٢) انظر: قاعدة عظيمة ص٤٨.
(٣) انظر: الرد على الأخنائي ص٤١.
(٤) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ٢/٨٢٥.
(٥) الرد على الأخنائي ص١٧.

<<  <   >  >>