للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها» (١) .

وقد ذكر رحمه الله الخلاف في حكم السفر إلى زيارة القبر، وأن للعلماء فيه قولين مع أن النزاع مرجوح ضعيف في هذه المسألة، فمن قائل: إنه معصية وهو قول الجمهور، ومن قائل: إنه ليس بمحرم، لكن لا فضيلة فيه، وليس بمستحب، فهو مباح، ولم يقل أحد باستحباب السفر إلى زيارة القبر، ومن قال به فهو مخالف للإجماع (٢) .

وهذا يجعلنا نفهم مراد العلماء الذين استحبوا السفر إلى زيارة قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فإن مرادهم بالسفر إلى زيارته هو السفر إلى مسجده، وليس إلى قبره؛ لأن السفر إلى مسجده هو المشروع باتفاق المسلمين سلفهم وخلفهم، أما السفر إلى قبره - فكما ذكر آنفاً - أنه لم يقل أحد باستحبابه (٣) .

وأما أصل زيارة القبور فلم يحرم ابن تيمية زيارتها، بل يرى الاستحباب - كما هو قول الجمهور - ومع ذلك فقد قال بعدم نسخ المنع من زيارة القبور بعض أئمة التابعين كالنخعي (ت - ٩٦هـ) ، والشعبي (ت - ١٠٤هـ) وابن سيرين (ت - ١١٠هـ) - رحمهم الله جميعاً - (٤) .

ولذا فإن ابن تيمية رحمه الله يفرق بين الزيارة الشرعية المستحبة، وبين السفر لزيارة القبر، فالأول مشروع اتفاقاً، وأما الثاني فغير مشروع (٥) ، فلم يكن أحد


(١) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ١/٤٦٤ كتاب المساجد، باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وابن خزيمة في صحيحه ٢/٢٦٨ جماع أبواب فضائل المساجد، باب فضل المساجد، والبيهقي في سننه ٣/٦٥كتاب الصلاة، باب فضل المساجد، والبغوي في شرح السنة ٢/٣٤٦كتاب الصلاة، باب فضل المساجد، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ٢/٥٠.
(٢) انظر: الرد على الأخنائي ص١٣، ١٥، الفتاوى الكبرى ٢/٦، اقتضاء الصراط المستقيم ٢/٦٧٠، ٨١١.
(٣) انظر: الرد على الأخنائي ص١٣٥.
(٤) انظر: فتح الباري لابن حجر ٣/١٤٨، وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٧/١٩٧، الرد على الأخنائي ص٣٨، ٤٢، ١٦١.
(٥) انظر: الرد على الأخنائي ص١٣، ٢٣، ٢٥، ٤٨.

<<  <   >  >>