للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا أغني عنك من الله شيئاً ويا فاطمة (١) بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً» (٢) .

ومحبة ابن تيمية رحمه الله لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقرونة بالاتباع كغيره من أهل السنة وأئمتهم وعلمائهم، أي هي المحبة التي يريدها الرسول صلّى الله عليه وسلّم من المؤمنين به، والتي أمرهم بها، أما دعوى التعظيم للرسول صلّى الله عليه وسلّم مع الغلو فيه، ودعوى أن المسلم كلما زاد في التعظيم كلما كانت محبته لرسول الله أكثر فهذا فهم خاطئ للمعنى الشرعي لمفهوم التعظيم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد بين ابن عبد الهادي (ت - ٧٤٤هـ) رحمه الله أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم برئ ممن عصاه بالغلو فيه، وإن كان قصده تعظيمه، قال ذلك راداً على السبكي (ت - ٧٥٦هـ) الذي رد على ابن تيمية في هذه المسألة (٣) .

وحين يقول شيخ الإسلام رحمه الله بحرمة شد الرحل إلى غير المساجد الثلاثة موافقاً بذلك نهي الرسول صلّى الله عليه وسلّم، متبعاً له في قوله، فلا يكون هذا بغضاً وجفاءً له، بل هو عين المتابعة والمحبة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إضافة إلى أنه قول جمهور العلماء كما تقدم.

وأما رد السبكي (ت - ٧٥٦هـ) على ابن تيمية رحمه الله إنكاره شد الرحل وجعل إنكار شد الرحل من لوازم انتقاص الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فمن شد الرحل للزيارة فهو


(١) فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كانت أصغر بنات النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأحبهن إليه، تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سيدة نساء أهل الجنة، عاشت بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم ستة أشهر ت سنة ١١هـ.
انظر في ترجمتها: الاستيعاب لابن عبد البر ٤/٣٧٣، الإصابة لابن حجر ٤/٣٧٧، ذخائر العقبى للطبري ٦٤.
(٢) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٨/٥٠ كتاب التفسير، باب سورة الشعراء، ومسلم في صحيحه ١/١٩٢، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} .
وانظر الجواب الباهر لابن تيمية ص٢٦ - ٢٧، الرد على الأخنائي ص١٤٣.
(٣) انظر: الصارم المنكي ص٨٤.

<<  <   >  >>