للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعظم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن أنكرها فهو المنتقص للرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقد رد عليه ابن عبد الهادي (ت - ٧٤٤هـ) هذا التلازم مبيناً أن هذا لو كان تعظيماً له صلّى الله عليه وسلّم لكان مما لا يتم الإيمان إلا به، ولكان فرضاً معيناً على كل من استطاع إليه سبيلاً، من قرب ومن بعد، ولما أضاع السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان هذا الفرض والواجب (١) .

وبين رحمه الله أن التعظيم نوعان:

أحدهما: ما يحبه المعظَّم ويرضاه ويأمر به ويثني على فاعله فهذا هو التعظيم في الحقيقة، وهو موافقته على محبة ما يحب، وكراهة ما يكره، والرضا بما يرضى به، وفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، والمبادرة إلى ما رغب فيه، والبعد عما حذر منه، وأن لا يتقدم بين يديه ولا يقدم على قوله قول أحد سواه.

والثاني: ما يكرهه المعظَّم ويبغضه ويذم فاعله، وهذا ليس بتعظيم، بل هو غلو مناف للتعظيم، وهذا هو ما يفعله أهل الغلو في القبور وعبادها من التعظيم الذي لأجله حرم الرسول صلّى الله عليه وسلّم اتخاذ القبور مساجد، كما قال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: «اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٢) .

والتعظيم يكون باللسان، ويكون بالجوارح: فأما التعظيم باللسان فهو الثناء عليه بما هو أهله مما أثنى به على نفسه، وأثنى به عليه ربه من غير غلو ولا تقصير.

وأما التعظيم بالجوارح فهو: العمل بطاعته، والسعي في إظهار دينه،


(١) انظر: الصارم المنكي ص٣٣٢.
(٢) الحديث أخرجه مالك في الموطأ ١/١٧٢ كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة، واللفظ له.

وأحمد في مسنده ٢/٢٤٦، قال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه المسند ١٣/٨٦ - ٨٨ إسناده صحيح.

<<  <   >  >>