للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإعلاء كلمته، ونصر ما جاء به، وجهاد ما خالفه (١) .

وأما مسألة التمسح بالقبر وتقبيله، فقد بين شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا باطل، وقد اتفق المسلمون على النهي عنه، سواء أكان القبر لنبي أم لغيره، ولم يفعله أحد من سلف الأمة وأئمتها المشهود لهم بالعلم والتقوى، بل هذا من الشرك (٢) .

وأما الدعاء عند القبر فهو ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يحصل الدعاء في البقعة بحكم الاتفاق، لا لقصد الدعاء فيها، كمن يدعو الله في طريقه، ويتفق أن يمر بالقبور، أو من يزور القبور ويدعو بالدعاء الوارد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فهذا لا بأس به.

الثاني: أن يتحرى الدعاء عند هذه القبور، بحيث يستشعر أن الدعاء هناك أجوبُ منه في غيره، فهذا منهي عنه: إما نهي تحريم، وإما نهي تنزيه، وهو إلى التحريم أقرب (٣) .

إن قصد القبور للدعاء عندها، ورجاء الإجابة بالدعاء هناك، رجاءً أكثر من رجائها بالدعاء في غير ذلك الموطن: أمر لم يشرعه الله ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أئمة المسلمين، ولا ذكره أحد من العلماء، بل أكثر ما ينقل من ذلك عن بعض المتأخرين بعد المائة الثانية.

وقصد القبور بالدعاء لا يخلو: إما أن يكون الدعاء عندها أفضل منه في غير تلك البقعة أو لا يكون.

فإن كان أفضل لم يجز أن يخفى علم هذا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم، فتكون القرون الثلاثة الأولى الفاضلة جاهلة بهذا الفضل العظيم،


(١) انظر: الصارم المنكي ص٢٨٨، ٣٣٢ - ٣٤٠.
(٢) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٤/٣٢١، ٢٦/٩٧. ٢٧/٩١.
(٣) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ٢/٦٨٢ - ٦٨٣.

<<  <   >  >>