للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يقل عند كل مشهد.

وقال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: ١٧ - ١٨] .

ولم يقل: إنما يعمر مشاهد القبور، بل عمار المشاهد يخشون بها غير الله، ويرجون غير الله.

وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن: ١٨] ، ولم يقل: وأن المشاهد لله.

وقال - سبحانه -: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ} [النور: ٣٦ - ٣٧] .

قال ابن تيمية رحمه الله: (علم بالنقل المتواتر، بل علم بالاضطرار من دين الإسلام أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شرع لأمته عمارة المساجد بالصلوات، والاجتماع للصلوات الخمس، ولصلاة الجمعة والعيدين، وغير ذلك، وأنه لم يشرع لأمته أن يبنوا على قبر نبي ولا رجل صالح لا من أهل البيت ولا من غيرهم لا مسجداً ولا مشهداً، ولم يكن على عهده صلّى الله عليه وسلّم مشهد مبني على قبر ... ) (١) .

وأما جعل بناء المساجد على القبور من الدين فهذا ليس بصحيح، وهي دعوى تحتاج إلى دليل بل هي مناقضة للدليل، وكل الأدلة القرآنية والأدلة من أقوال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم تخالف القول بجواز البناء على القبور، والصلاة إليها، بل الأدلة تحذر من هذا الفعل أشد التحذير، وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله


(١) منهاج السنة النبوية ١/٤٧٩، وانظر: منهاج السنة النبوية ٢/٤٣٧ - ٤٣٨، الفتاوى الكبرى ٤/٣٧٤، مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٧/١٦٨.

<<  <   >  >>