للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل من الدين أن يذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم لعن الله لمن اتخذ القبور مساجد، أو الدعاء بمقاتلة الله لمن فعل ذلك، أو الحكم عليهم بأنهم من شرار الناس، وشرار الخلق عند الله، ثم النهي عن اتخاذ القبور مساجد، والنهي عن الصلاة إليها.

قال رحمه الله: (وأما القبور فقد ورد نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن اتخاذها مساجد، ولعن من يفعل ذلك) (١) .

وأما دعوى مخالفة ابن تيمية رحمه الله إجماع الصحابة، فهذا باطل من أوجه عدة:

الأول: أن الصحابة - رضوان الله عليهم - لا يقول واحد منهم، فضلاً عن حكاية إجماعهم بمخالفة الدين، ولا تقديم قولهم على قول الله ورسوله، أو أن يكون لهم الخيرة في أمرٍ قضاه الله ورسوله، وقد تقدم بيان تواتر الأحاديث التي تنهى عن اتخاذ القبور مساجد، ومن عظيم النهي عن هذا الأمر: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جعل التحذير منه وصية مودع تأكيداً لتحذيره لهم في حال حياته، ولذا كثرت الأحاديث التي حذر النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها عن اتخاذ القبور مساجد في مرض موته.

الثاني: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يشرع بناء المساجد على القبور، ولا وضع المشاهد، ولم يكن ذلك في عهد الصحابة - رضوان الله عليهم -.

قال رحمه الله: (المشاهد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين من العامة، ومن أهل البيت كلها من البدع المحدثة المحرمة في دين الإسلام) (٢) .


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٧/٧٨، وانظر حول تقرير ابن تيمية تحريم اتخاذ القبور المساجد شرعاً من كتبه: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ١/٣٤٧، منهاج السنة النبوية ١/٤٧٤ - ٤٧٨، ٢/٤٣٥ - ٤٣٧، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص٣٣٥، مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٧/١٥٦ - ١٥٩، قاعدة عظيمة ٣٨ - ٤٢، اقتضاء الصراط المستقيم ٢/٦٧٢ - ٦٧٥.
(٢) منهاج السنة النبوية ٢/٤٣٧.

<<  <   >  >>