للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كان المنافقون يسلمون عليه صلّى الله عليه وسلّم ويرد عليهم، ويرد على المسلمين أصحاب الذنوب وغيرهم، ولكن السلام فيه أمان (١) .

الخامسة: أن ما يفعله الناس في زيارة غير قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم عند قبور من يزورونهم، من السلام والدعاء، فإنه يفعل مثله وأكثر منه للرسول صلّى الله عليه وسلّم في مواضع متعددة من العبادات المأمور بها، كالصلوات الخمس، وبعد الأذان، وعند دخول المسجد، وعند الخروج منه، وعند كل دعاء، فلا يختص السلام على الرسول أو الصلاة عليه عند قبره فقط، بل قد تبين أن الصلاة والسلام على الرسول عند غير قبره أفضل منه عند قبره.

قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما النبي صلّى الله عليه وسلّم فله خاصة لا يماثله أحد من الخلق، وهو أن المقصود عند قبر غيره من الدعاء له هو مأمور في حق الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الصلوات الخمس، وعند دخول المساجد، والخروج منها، وعند الأذان، وعند كل دعاء) (٢) .

السادسة: أن الأنبياء أحياء في قبورهم، وحياتهم أكمل من حياة الشهداء، إذ أثبت الله - سبحانه - حياة الشهداء بقوله: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} [البقرة: ١٤] ، وقال: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] .

أما المفترون على ابن تيمية رحمه الله بأنه لا يرى حياة الأنبياء فهذا باطل، بل هو صرح بحياتهم في قبورهم، لكن لما لم يوافقهم رحمه الله على ما ابتدعوه في الدين من جواز التوسل به بعد موته، أو الاستغاثة به، قالوا: بأنه لا يرى حياة الأنبياء في قبورهم؛ لأن هذا لازم حياة الأنبياء - كما يزعمون -.

قال ابن تيمية رحمه الله بعد أن تحدث عن تحريم اتخاذ قبور الأنبياء مساجد


(١) انظر: الرد على الأخنائي لابن تيمية ص١٠٦ - ١٠٧.
(٢) الجواب الباهر ص٢٣.

<<  <   >  >>