للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مستدلاً بكلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (فهذه نصوصه الصريحة توجب تحريم اتخاذ قبورهم مساجد، مع أنهم مدفونون فيها، وهم أحياء في قبورهم) (١) .

ودليل حياة الأنبياء في قبورهم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «الأنبياء أحياء في قبورهم» (٢) .

ولكن هل هذه الحياة في القبور حياة حقيقية لها لوازمها من الحاجة إلى الأكل والشرب وفعلهما، والنوم والحركة وغيرها، أم أنها حياة خاصة يقصد بها تشريف الأنبياء، وتخصيصهم عن غيرهم بمنزلة لم تكن لغيرهم؟.

أقول بادئ الأمر: إن الله سبحانه وتعالى قد أخبر وأثبت في كتابه العزيز موت الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] .

وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤] ، وقال: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: ٣٤] .

وقام أبو بكر الصديق (ت - ١٣هـ) رضي الله عنه بعد موت الرسول صلّى الله عليه وسلّم، في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد فمن كان منكم يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) (٣) .

فموت الأنبياء حق، وانقطاع أحكام الدنيا عنهم بعد موتهم لا مرية فيه، حتى المخالف يقر بذلك، ولكن ما هذه الحياة البرزخية التي تكون للأنبياء بعد موتهم؟


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٧/٥٠٢.
(٢) الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده ٦/١٤٧ رقم ٣٤٢٥ من حديث أنس بن مالك، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/٢١١: رجاله ثقات، وانظر: المطالب العالية لابن حجر ٣/٢٦٩ أحاديث الأنبياء.
(٣) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٧/١٩ كتاب فضائل الصحابة، باب لو كنت متخذاً خليلاً.
وكتاب الجنائز رقم (١١٦٥) .

<<  <   >  >>