للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن حبان (ت - ٣٥٤هـ) : (كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات على قلة روايته) (١) .

وقد ضعف ابن تيمية رحمه الله هذا الحديث من طريقيه، كما قال: (هذا الحديث هو من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد، وهو ضعيف بإجماع أهل العلم، وقد روي من طريق آخر وهو ضعيف - أيضاً -) (٢) .

وأما عن استدلالهم بالحديث: فعلى فرض صحته، فإنه لا يدل على ما يريدون ويقصدون؛ لأن حق السائلين هو ما تكفل الله به، ووعد به، وجعله حقاً عليه تكرماً منه وتفضلاً على عباده ألا وهو إجابة سؤالهم وإعطاؤهم طلبهم، كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] .

ومما أوجبه على نفسه ما ذكره سبحانه بقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤] ، وقوله: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: ٤٧] ، وقوله: {وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا} [التوبة: ١١١] .

وإذا كان حق السائلين، والعابدين له هو الإجابة والإثابة بذلك فذاك سؤال لله بأفعاله كالاستعاذة بنحو ذلك في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» (٣) ، فالاستعاذة بمعافات الله التي هي فعله، كالسؤال


(١) المجروحين ٣/٨٣.
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص٢١٥، وانظر ص٢٧٧، والرد على البكري له ص٤١، واقتضاء الصراط المستقيم له ٢/٧٩٦، وانظر: تضعيف الألباني الحديث في سلسلة الأحاديث الضعيفة ١/٣٤ - ٣٨.
(٣) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ١/٣٥٢ كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع، والترمذي في سننه ٥/٥٢٤ كتاب الدعوات، باب ٧٦، ومالك في الموطأ ١/٢١٤ كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء.

<<  <   >  >>