للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمناوئون يسلكون كل الطرق لإقناع الناس بشبهاتهم وبدعهم، ومن عجيب أمرهم مع ابن تيمية رحمه الله أن قال بعضهم بأنه يرى التوسل البدعي!، ويوافق عليه، فإذا أجاز التوسل بدعائه، فقد أجاز التوسل بذاته، وأن ابن تيمية أثبت جواز التوسل بالنبي صلّى الله عليه وسلّم دون تفريق أو تفصيل بين حياته وموته، وحضوره وغيابه (١) .

وهذا من عجائب المناوئين، فلا يدرون: أيقولون بأنه يمنع التوسل البدعي: تحذيراً لمن يضللونه من ابن تيمية، أم يقولون بأنه يقول بقولهم ويوافقهم: ويحرفون النصوص لأجل ذلك؛ إثارة للفتنة، وتلبيساً على العامة.

وأما التوسل بالشخص سواء كان نبياً أو ولياً صالحاً، فلم يمنع ابن تيمية رحمه الله ذلك، وإنما قال: إن هذا اللفظ فيه إجمال واشتراك: -

فإن أريد به التوسل بدعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته، والتوسل بدعاء الصالحين في حياتهم فهذا جائز.

وأما إن أريد به: التوسل بذات النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو ذوات الصالحين في حياتهم أو بعد مماتهم فهذا غير جائز، ولا يقره ابن تيمية رحمه الله ولا السلف السابقون.

فقال رحمه الله عن الأول الجائز: (دعاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، واستغفارهم وشفاعتهم هو سبب ينفع، إذا جعل الله تعالى المحل قابلاً له) (٢) .

وقال عن دعاء الصالحين بعد ما بين أن الصحابة كانوا يتوسلون بدعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حياته: (فهذا كان توسل الصحابة به في حياته، فلما مات توسلوا بدعاء غيره، كدعاء العباس، وكما استسقى معاوية، بيزيد بن الأسود


(١) انظر: مفاهيم يجب أن تصحح للمالكي ص٥٥ - ٥٧، وانظر مناقشته في: هذه مفاهيمنا لآل الشيخ ص٨٣ - ٨٥.
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص٢٤٠.

<<  <   >  >>