للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقله: إما أن يكونوا جهلة، أو أنهم يكتمون الحق لغرض في نفوسهم، وكلا الأمرين باطل ممتنع، فلا يبقى إلا القول بأنه لم يقع في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا عهد الصحابة شيء من ذلك ويقرون عليه.

ويجاب عنهم - أيضاً -: بأن هذه العبارة وهي قولهم: إنه يتيه في بيداء العدم يلزم منها عدم كمال الدين، وعدم تبليغ الرسول صلّى الله عليه وسلّم البلاغ المبين، حتى يجتهد أولئك في اختراع عبادات لم تكن في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، على احتمال أن تكون وقعت ولم تنقل إلينا، وقد أخبر الله بكمال الدين في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: ٣] .

لكن المناوئين لابن تيمية: لا يقولون بهذا إلا فيما يخالف أهواءهم، وإلا فهم يذكرون عن مسائل أنها لا تجوز لعدم ورودها، ومع ذلك لا يرد بعضهم على بعض فيها، وهذا يدل على أنهم يتبعون أهواءهم، والله تعالى يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} [القصص: ٥٠] .

مثال ذلك قول ابن حجر الهيتمي (ت - ٩٧٣هـ) : (أنكر العز بن جماعة (١) هذا الموقف كالعَود بعد السلام على الشيخين رضي الله عنهما (٢) إلى موقفه الأول محتجاً بأن واحداً منهما لم يرد عن الصحابة، ولا التابعين) (٣) وأقره عى هذا.

وقال - أيضاً -: (ويظن من لا علم له أنه - أي الانحناء للقبر الشريف - من شعار التعظيم، وأقبح منه تقبيل الأرض له؛ لأنه لم يفعله السلف الصالح، والخير كله في اتباعهم) (٤) .


(١) العز بن جماعة: عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الشافعي المصري الحموي الأصل، الحافظ، ولي قضاء الديار المصرية، وجاور الحجاز فمات بمكة سنة ٧٦٧هـ.
انظر في ترجمته: طبقات الشافعية للسبكي ١٠/٧٩، الدرر الكامنة لابن حجر ٢/٤٨٩.
(٢) أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الزيارة.
(٣) الجوهر المنظم ص١٢٧ - ١٢٨.
(٤) الجوهر المنظم ص١٦١.

<<  <   >  >>