للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ما قاله وفعله) (١) .

ومن باب ذكر المثال ممن تقدم ابن تيمية رحمه الله من السلف على تحريم التوسل، ما نقله فقهاء الحنفية عن أبي حنيفة (ت - ١٥٠هـ) رحمه الله وصاحبه أبي يوسف (٢) ،

رحمه الله من أنهما يحرمان التوسل بحق فلان، أو بحق الأنبياء والرسل (٣) .

وحين يلزم ابن تيمية رحمه الله في باب العبادات التوقيف؛ فما ورد فإنه يقبل، وما لم يرد فإنه يرفض ويرد، فإن المناوئين لا تعجبهم هذه المنهجية الدقيقة؛ لأنها تحجر عليهم كثيراً من بدعهم، ومخترعاتهم في الشرع، فيزعم زاعم أنه ربما وقعت بعض أنواع التوسل التي ينكرها ابن تيمية لكنها لم تنقل إلينا، وبعضهم يرى أن ابن تيمية يتيه في بيداء العدم حين يلتزم بهذه المنهجية (٤) .

لكن هذه المزاعم مرفوضة: فلو وقعت أنواع من التوسل غير ما ذكر في الأحاديث والآثار الصحيحة لنُقل أيضاً؛ لأن الشرع محفوظ فقد نقل الصحابة ما هو أدق من هذا الموضوع المهم، فكيف يجمع الصحابة ويطبقون على عدم


(١) الرد على البكري ١٢٦ - ١٢٧.
(٢) أبو يوسف: يعقوب بن إبراهيم، القاضي، المشهور بأبي يوسف، صاحب أبي حنيفة، ت سنة ١٨٣هـ.

انظر في ترجمته: أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري ص٩٠، الجواهر المضية للقرشي ٣/٦١١.
(٣) انظر: حاشية الدر المختار لابن عابدين ٢/٦٣٠، شرح الإحياء للزبيدي ٢/٢٨٥.
لكن المخالفين يتبعون أهواءهم، فكلما وجد نص من سلف الأمة وأئمتها يخالف ما قررته عقولهم وأهواؤهم، فإنهم يعطلون هذا النص بزعمهم أنه ربما لم يبلغ هذا العالم الأدلة الأخرى التي تخالف هذا القول، انظر: على سبيل المثال المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية للحبشي ص١١١.
(٤) انظر: حكم الإسلام في التوسل بالأنبياء والأولياء عليهما السلام لمخلوف ص٣٦، التوسل بالنبي لحامد مرزوق ص١١٤.

<<  <   >  >>