للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوسل بدعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا بذاته، وكان هذا هو المفهوم الصحيح لكلام الصحابة - رضوان الله عليهم - في معنى التوسل بالرسول صلّى الله عليه وسلّم: أنه توسل بدعائه لا بذاته، كما قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما التوسل بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، والتوجه به في كلام الصحابة فيريدون به التوسل بدعائه وشفاعته) (١) .

والسبب في خلط بعض المتأخرين، وعدم معرفتهم مقاصد ألفاظ الصحابة: أن لفظ التوسل دخل فيه من تغيير لغة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، ما أوجب غلط من غلط عليهم في دينهم ولغتهم.

والعلم يحتاج إلى نقل مصدّق، ونظر محقق، والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه، ومعرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم (٢) .

وقد كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يطلبون من الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حياته أن يدعو للمسلمين إذا نزل بهم بلاء عام، أو فاقة، كطلبهم منه صلّى الله عليه وسلّم أن يستسقي لهم، ولذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله: (وكانوا في حياته إذا أجدبوا توسلوا بنبيهم صلّى الله عليه وسلّم، توسلوا بدعائه، وطلبوا منه أن يستسقي لهم) (٣) .

ثم ذكر حديث ابن عمر (ت - ٧٢هـ) رضي الله عنهما وهو قوله: (ربما ذكرت قول الشاعر وأنا انظر إلى وجه الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى، عصمة للأرامل

ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستسقي على المنبر، فما نزل حتى يجيش له ميزاب) (٤) .


(١) قاعدة جليلة ص٨٠.
(٢) انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص١٥٨ - ١٥٩.
(٣) قاعدة عظيمة ص٧٥.
(٤) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجمعة، رقم ١٠٠٩.
وأما البيت فهو لأبي طالب عم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، انظر: فتح الباري لابن حجر ٢/٤٩٦، السيرة النبوية لابن هشام ١/٢٧٧.
وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم ٢/٧٦٨.

<<  <   >  >>