للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أنكر ابن تيمية رحمه الله على الشيخ يحيى الصرصري (١) ما يقوله في قصائده في مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الاستغاثة به، مثل قوله: بل استغيث واستعين واستنجد، وأنكر على غيره - أيضاً - (٢) .

أما قصائد البوصيري (ت - ٦٩٦هـ) التي فيها استغاثة بالرسول صلّى الله عليه وسلّم استغاثة شركية، فقد نقد ابن تيمية أبياتاً منها، هي أخف من الأبيات المشهورة عنه، والتي ذكرتها في المطلب الأول من هذا المبحث.

فقال في مقام بيان غلو المادحين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ومنهم من يقول أسقط الربوبية، وقل في الرسول ما شئت.

دع ما ادعته النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

فإن فضل رسول الله ليس له ... حد فيعرب عنه ناطق بفم

وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب إلى قدره ما شئت من عظم (٣)

لو ناسبت قدره آياته عظما ... أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم (٤) (٥)

وأبيات البوصيري الأولى التي فيها استغاثة بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإعطائه منزلة فوق منزلته - بأبي هو وأمي - قد ناقشها المناوئون - أنفسهم - في ثنايا كلامهم، وبينوا ما فيها من المبالغات التي لا دليل عليها، وإن كانوا لم يجرؤوا على القول بأنها شرك، فقال أحدهم عن هذه الأبيات: (في هذا مبالغة لا دليل عليها) (٦) ، ثم ذكر بعض القصص والأحاديث الموضوعة في بيان منزلة النبي صلّى الله عليه وسلّم


(١) يحيى الصرصري: يحيى بن يوسف بن يحيى الأنصاري، أبو زكريا، شاعر من أهل صرصر، سكن بغداد، وكان ضريراً، ت سنة ٦٥٦هـ.
انظر في ترجمته: البداية والنهاية لابن كثير ١٣/٢١١، النجوم الزاهرة للأتابكي ٧/٦٦.
(٢) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١/٧٠ - ٧١، الرد على البكري له ص٢١٩.
(٣) هذا البيت ذكره ابن تيمية رحمه الله ثالث الأبيات، وموضعه الصحيح هو أن يكون ثانيها، والثاني يكون الثالث كما في ديوان البوصيري ص٢٤١.
(٤) انظر: ديوان البوصيري ص٢٤١.
(٥) الرد على البكري ص٢١٩.
(٦) قصيدة البردة لعبد الله الغماري (مقال ضمن البوصيري مادح الرسول الأعظم لعبد العال الحمامصي ص٧٤) .

<<  <   >  >>