للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: (وكتب الموالد ملأى بهذه الموضوعات وأصبحت عقيدة راسخة في أذهان العامة) (١) ، وقال: (لا يفيد ما ادعاه الناظم من أن علم اللوح والقلم بعض علوم النبي صلّى الله عليه وسلّم، ففي هذه الدعوى مبالغة ليس عليها دليل.. والمقصود أن الغلو في المدح مذموم لقوله تعالى: {لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: ١٧١] .

وأيضاً: فإن مادح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر لم يثبت عنه يكون كاذباً عليه، فيدخل في وعيد «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» (٢) ، وليست الفضائل النبوية مما يتساهل فيها برواية الضعيف ونحوه.. وعلى هذا فما يوجد في كتب المولد النبوي، وقصة المعراج من مبالغات وغلو لا أساس له من الواقع: يجب أن تحرق، لئلا يحرق أصحابها وقارئوها في نار جهنم، نسأل الله السلامة والعافية) (٣) .

وقد عدّل بعض الأبيات - وليست كلها - التي فيها غلو وشرك، وإن كان تعديله - أيضاً - لا يخلو من ملحوظات (٤) ، ولذا فإن نقلي عن هذا الكاتب الشاعر المحدِّث ليس من باب الاطمئنان إليه لاعتقاده معتقد السلف، بل في ثنايا كلامه في مقاله السابق، وفي بعض كتبه وفتاويه كلام كثير حول نصرة التوسل البدعي، وشد الرحل إلى قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم (٥) ، إنما كان نقلي عنه من باب


(١) قصيدة البردة لعبد الله الغماري (مقال ضمن البوصيري مادح الرسول الأعظم لعبد العال الحمامصي ص٧٥) .
(٢) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ١/٢٠٢ كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومسلم في صحيحه ٤/٢٢٩٨ - ٢٢٩٩، كتاب الزهد، باب التثبت في الحديث.
(٣) قصيدة البردة لعبد الله الغماري (ضمن البوصيري مادح الرسول الأعظم لعبد العال الحمامصي ص٧٦ - ٧٧) .
(٤) انظر: قصيدة البردة لعبد الله الغماري (ضمن البوصيري مادح الرسول الأعظم لعبد العال الحمامصي ص٧٤، ٧٦) .
(٥) انظر على سبيل المثال كتابه: الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين كله، الحاوي في فتاوى الحافظ أبي الفضل عبد الله الصديق الغماري ص٩ - ١٠، ١٤ - ١٥، ٢٣.

<<  <   >  >>