للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأدنى أحوال الساب أن يكون مغتاباً، وقال عزّ وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} [الأحزاب: ٥٨] ، والصحابة خيار المؤمنين، ولم يكتسبوا ما يوجب أذاهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى - رضي عنهم - رضىً مطلقاً، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً، وكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح، فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له، فلو علم أنه يتعقب ذلك بما يسخط الرب لم يكن من أهل ذلك (١) ، كما في قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٢٧ - ٣٠] .

واستدل رحمه الله من السنة بأحاديث منها: «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه» (٢) .

وحديث: «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار» (٣) ، وغيرها من الأحاديث (٤) .

ويقسم ابن تيمية رحمه الله أنواع سب الصحابة وأحكامه تقسيماً جيداً: فمن اقترن بسبه دعوى أن عليا إله، أو أنه كان هو النبي فهذا لا شك في كفره.

ومن سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم فهذا يستحق التأديب والتعزير، ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك.

وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا نفراً قليلاً فهذا لا ريب في كفره.

وأما من لعن وقبّح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمر بين لعن


(١) انظر: الصارم المسلول لابن تيمية ص٥٧١ - ٥٧٣.
(٢) سبق تخريجه ص٥٠١.
(٣) سبق تخريجه ص٤٩٨.
(٤) انظر: الصارم المسلول لابن تيمية ٥٧٥ - ٥٨٦.

<<  <   >  >>