هذا الباب، وقد أجاد شيخ الإسلام رحمه الله في بيان الاعتذار لهم بكلام نفيس أجتزئ منه قوله عنهم:(لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم ...
ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه.. ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر، مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة والنصرة، والعلم النافع والعمل الصالح..) (١) .
القاعدة الثانية: أن الكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل، لا بجهل وظلم، والكلام في الصحابة من باب أولى، فإن العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال، والظلم محرم مطلقا، لا يباح قط بحال، قال تعالى:{وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ}[المائدة: ٨] .
وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحق من عدل عليهم في القول والعمل، والعدل مما اتفق أهل الأرض على محبته ومدحه، والله أرسل الرسل ليقوم الناس بالقسط كما في قوله:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: ٢٥] .