للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف وقد قال الله عزّ وجل: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥] ، وقوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: ٥٩] .

يقول ابن تيمية رحمه الله بعد أن بين أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليس له علم خاص باطن يخص به أحداً، بخلاف ما يظهره لعامة الناس: (وكل من كان عارفاً بسنته وسيرته علم أن ما يروى خلاف هذا فهو مختلق كذب، مثل ما يذكره بعض الرافضة عن علي أنه كان عنده علم خاص باطن يخالف هذا الظاهر) (١) .

ثم قال: (وقد أجمع أهل المعرفة بالمنقول على أن ما يروى عن علي وعن جعفر الصادق من هذه الأمور التي يدعيها الباطنية كذب مختلق) (٢) .

وقال رحمه الله: (وأما ما يرويه أهل الكذب والجهل من اختصاص علي بعلم انفرد به عن الصحابة فكله باطل ... ، وما يقوله بعض الجهال أنه شرب من غُسل النبي صلّى الله عليه وسلّم فأورثه علم الأولين والآخرين، من أقبح الكذب البارد، فإن شرب غُسل الميت ليس بمشروع، ولا شرب علي شيئاً، ولو كان هذا يوجب العلم لشركه في ذلك كل من حضر، ولم يرو هذا عن أحد من أهل العلم، وكذلك ما يذكر أنه كان عنده علم باطن امتاز به عن أبي بكر وعمر وغيرهما: فهذا من مقالات الملاحدة الباطنية) (٣) .

وقد قال علي (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه: (والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما عهد إليّ النبي صلّى الله عليه وسلّم شيئاً لم يعهده إلى الناس، إلا ما في هذه الصحيفة، - وكان فيها العقل (٤) ، وفكاك الأسرى، وأن لا يقتل مسلم بكافر -، إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في الكتاب) (٥) .


(١) درء تعارض العقل والنقل ٥/٢٥.
(٢) درء تعارض العقل والنقل ٥/٢٦.
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية ٤/٤١٢ - ٤١٣، وانظر: منهاج السنة النبوية ٨/١٠، ١٣٩ - ١٥٠.
(٤) العقل: الدية؛ لأن القاتل يكلف أن يسوق إبل الدية إلى فناء المقتول ثم يعقلها، انظر: المصباح المنير للفيومي ص٤٢٢ - ٤٢٣.
(٥) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ١/٢٠٤ كتاب العلم باب كتابة العلم، والدارمي في سننه ٢/١٩٠ كتاب الديات، باب لا يقتل مسلم بكافر. بنحوه.

<<  <   >  >>