للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الجملة: فثناء ابن تيمية رحمه الله على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه مبثوث في كتبه، قد أقره معترفاً به، مستدلاً على ذلك بنصوص الكتاب والسنة، يقول رحمه الله: (وعلي رضي الله عنه فضّله الله وشرّفه بسوابقه الحميدة، وفضائله العديدة) (١) .

وقال: (وكتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله ومناقبة، وبذم الذين يظلمونه من جميع الفرق، وهم ينكرون على من سبه، وكارهون لذلك) (٢) .

ومع كل هذا الثناء، والاعتراف بقدره، وموافقة أهل السنة في عقيدتهم فيه، إلا أن المناوئين لابن تيمية رحمه الله يتهمونه بأنه يبغض علياً، وأنه ينتقص حقه، ويخفي فضائله، وحال المناوئين معه كما قال الشاعر:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم (٣)

وابن تيمية رحمه الله وإن كان قد أثنى على علي (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه إلا أنه لم يغل فيه، ولم يغمطه حقه، بل كان وسطاً، ففي مناقشاته للرافضة يحاول كثيراً إقناعهم بالمنهج الوسط ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وذلك ببيان فضائل الخلفاء الثلاثة الذين سبقوا علياً (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه وخصائصهم، وأنهم أفضل منه، لأن الرافضة لا يثنون على علي (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه إلا وينتقصون الخلفاء الثلاثة قبله، فكل فضيلة تثبت له، يقابلها توهين وتحقير وتنقيص لفضائل الثلاثة قبله، ويظن الرافضة - أيضاً - أن علياً (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه إذا كان أفضل آل البيت فمعناه أنه أفضل الأمة، وأنهم إذا سمعوا فضيلة له ظنوا أنها لا تكون إلا لأفضل الأمة،


(١) منهاج السنة النبوية ٧/٤٧٤.
(٢) منهاج السنة النبوية ٤/٣٩٦، وانظر في أقوال القادحين في علي: منهاج السنة النبوية ٤/٣٨٩، ٤٠١، ومواقف الناس من علي: جامع الرسائل ١/٢٦٢، منهاج السنة النبوية ١/٥٣٥، ٤/٣٢٦، ٧/٤٥٢، وأقوال الناس في إمامة علي: منهاج السنة النبوية ١/٥٣٧، ٤/١٠٦.
(٣) انظر: ديوان البوصيري ص٢٤٥.

<<  <   >  >>