للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أقسام ينفصل بعضها عن البعض الآخر؛ ذلك أن بعض المناوئين يشترك في عدائه لابن تيمية رحمه الله في أكثر من جهة وقسم، فيدخل تحت هذا القسم من المناوئين لأمر، ويدخل تحت قسم آخر من المناوئين لأمر آخر، فعلى سبيل المثال بعض الفقهاء الذين واجهوا ابن تيمية رحمه الله وصارحوه بالعداء، يعتقدون مذهب الأشاعرة (١) .

وطوائف كثيرة من الأشاعرة يسلكون مسلك التصوف، فمن كانت هذه حاله من أعداء ابن تيمية فهو يدخل في هذه الأقسام الثلاثة كلها - أي الفقهاء، والأشاعرة، والصوفية -، ولكن التقسيم تقريبي، إذ المقصود وضع ترتيب فني لهم، ومعرفة الجهات التي كان يعاني منها ابن تيمية رحمه الله ويكابد مشقة إصرارها وتعنتها أمام كلمة الحق.

وفي الجملة فإن أهل الباطل قد تناصروا على ابن تيمية رحمه الله، ورموه من قوس واحدة بالعداء، يبيّن ذلك تلميذ ابن تيمية رحمه الله البار أبو حفص البزار (ت - ٧٤٩هـ) رحمه الله عن معايشة وقرب، بكلام مؤثر نفيس إذ يقول:

(ولم يزل المبتدعون أهل الأهواء، وآكلوا الدنيا بالدين، متعاضدين، متناصرين في عدوانه، باذلين وسعهم بالسعي في الفتك به، متخرصين عليه الكذب الصراح، مختلقين عليه، وناسبين إليه ما لم يقله ولم ينقله، ولم يوجد له به خط، ولا وجد له فيه تصنيف ولا فتوى، ولا سمع منه في مجلس، أتراهم ما علموا أن الله سائلهم عن ذلك ومحاسبهم عليه؟ أو ما سمعوا قول الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ


(١) الأشاعرة: هم المنتسبون لأبي الحسن الأشعري في مذهبه الذي اتخذه بعد تركه الاعتزال وقبل تصريحه بانتسابه إلى مذهب الإمام أحمد، ومتأخروهم يثبتون سبع صفات فقط، وينكرون علو الذات، ويقولون: إن الإيمان هو التصديق.

انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٦/٥٢ - ٥٥، الرد على الرافضة للمقدسي ص١٦٦، مذاهب الإسلاميين لبدوي ١/٤٨٧، الأشاعرة لأحمد صبحي.

<<  <   >  >>