للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَتِيدٌ} [ق: ١٦ - ١٨] ، بلى والله، ولكن غلب عليهم ما هم فيه من إيثار الدنيا على الآخرة، والعمل للعاجلة دون الآجلة، فلهذا حسدوه وأبغضوه، لكونه مباينهم ومخالفهم) (١) .

إن أعداء ابن تيمية رحمه الله يمكن تصنيفهم وتقسيمهم إلى أقسام منها:

أولاً: الفقهاء والقضاة: فقد كان كثير من فقهاء المذاهب في عصره مقلدة، يرون الخروج عن أقوال أئمة مذاهبهم جرماً يؤاخذ عليه فاعله، وقد أفتى ابن تيمية رحمه الله في مسألة الطلاق بفتاوى لم يكن يُفتى بها في ذلك العصر ومن هذه الفتاوى:

مسألة الحلف بالطلاق: إذا قصد الحالف به اليمين فإنه لا يقع طلاقاً، ومسألة الطلاق بالثلاث وأنه لا يقع إلا طلقة واحدة، وأن الطلاق المحرم لا يقع، وقد ألف رحمه الله في نصرة هذا القول مؤلفات عدة (٢) ، وفتاوى متعددة (٣) ، وعظم الأمر على بعض الفقهاء حين أفتى ابن تيمية رحمه الله بهذه الفتوى التي سارت في البلدان سير النار في الهشيم، وذلك لجلالة قدر شيخ الإسلام رحمه الله وقبوله لدى الناس (٤) ، فكُلم أحد قضاة الحنابلة أن يقنع ابن تيمية رحمه الله بالعدول عن هذه الفتوى، فكلّمه في يوم الخميس، منتصف شهر ربيع (٥) ، من سنة (٧١٨هـ) ، فقبل ابن تيمية رحمه الله نصيحة القاضي؛ وذلك لعلمه أنه إنما قال له هذا القول يقصد به ترك ثوران فتنة وشر.

ولما كان يوم السبت، مستهل جمادى الأولى من السنة نفسها جاء بريد


(١) الأعلام العلية ص٦٦.
(٢) انظر: عناوينها في العقود الدرية لابن عبد الهادي ص٣٢٤.
(٣) انظر هذه الفتاوى مجموعة في مجموع فتاوى ابن تيمية ٣٣/٧ - ٩٨.
(٤) انظر: الأعلام العلية للبزار ص٧٠.
(٥) ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ١٤/٨٧ أنه ربيع الأول، وذكر ابن عبد الهادي في العقود الدرية ص٣٢٥ أنه ربيع الآخر.

<<  <   >  >>