للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طال البحث بينهما، حيث انفصل الحال على قبول الاعتقاد الذي قرأه ابن تيمية رحمه الله. وعاد الشيخ إلى منزله معظماً مكرماً (١) ، ثم عُقد مجلس ثالث لابن تيمية رحمه الله وكانت نهايته أن اجتمع الجماعة على الرضى بالعقيدة التي يعتقدها ابن تيمية رحمه الله، وكان الباعث على هذه المجالس هو تحريض من قاضي المالكية ابن مخلوف (٢) ، ونصر المنبجي (٣) ،

إلى السلطان على شيخ الإسلام رحمه الله (٤) ، فكانت نتائج المجلس السابقة لم ترض هذين الشيخين، ولم تشف غليليهما، فطلبا من السلطان أن يصدر مرسوماً يطلبه إلى مصر، ومحاكمته فيها، ففعل السلطان ذلك، وطُلب ابن تيمية رحمه الله من دمشق إلى مصر، فخرج ابن تيمية رحمه الله ممتثلاً من دمشق في يوم مشهود، ووصل يوم الخميس الثاني والعشرين من رمضان سنة (٧٠٥هـ) إلى القاهرة، ومن غد بعد صلاة الجمعة، جمع القضاة، وأكابر الدولة، وادعى عليه ابن مخلوف (ت - ٧١٨هـ) أنه يقول: إن الله فوق العرش حقيقة، وذكر بعض المسائل، ولما انتهى سأله القاضي جوابه، فأخذ الشيخ في حمد الله والثناء عليه، فقيل له: أجب؛ ما جئنا بك لتخطب، فقال ابن تيمية رحمه الله ومن الحاكم في؟ فقيل له: القاضي المالكي، قال: كيف يحكم فيّ وهو خصمي؟ فغضب رحمه الله من ذلك، ثم أصدر فيه مرسوم بحبسه، فحبس في برج أياماً، ثم نُقل بعد ذلك إلى الحبس


(١) انظر: العقود الدرية لابن عبد الهادي ص٢٠٣، البداية والنهاية لابن كثير ١٤/٣٦ - ٣٧.
(٢) ابن مخلوف: علي بن مخلوف بن ناهض بن مسلم النويري المالكي، قاضي المالكية بمصر، سمع الحديث، واشتغل وحصل، كان مشكور السيرة، غزير المروءة، له مواقف سيئة مع ابن تيمية، ت سنة ٧١٨هـ.
انظر في ترجمته: البداية والنهاية لابن كثير ١٤/٩٠، شذرات الذهب لابن العماد ٦/٤٩.
(٣) نصر المنبجي: نصر بن سليمان المنبجي، صوفي حلولي، كان الجاشنكير يتفانى في حبه، كاد لابن تيمية كثيراً، ت سنة ٧١٩هـ.

انظر في ترجمته: شذرات الذهب لابن العماد ٦/٥٢.
(٤) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ١٤/٣٧.

<<  <   >  >>