للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمثلة كثيرة في هذا الباب على التعصب ضد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (١) .

هـ - قوة ابن تيمية في الحق: فقد كان رحمه الله جريئاً في قول الحق، والهجوم على أعدائه، والدفاع عنه، لا يخاف في الله لومة لائم، وكثيراً ما وصفه مترجموه في مناظراته مع الخصوم بقوة القلب، وبالشجاعة.

وقد كان - أيضاً - لا يحابي، ولا يداهن في دين الله عزّ وجل، ولا يطلب ود أحد من الناس في ترك إنكار المناكر والبدع، سواء كانت تلك صغيرة أم كبيرة، ويغضب إذا انتهكت محارم الله عزّ وجل ولا يقف أمام غضبه أحد، حتى يُغير ذلك المنكر ويُصلح.

وقد كان لهذه الطريقة أثرها الطيب في عصره، إذا اتضح الحق، وانكشفت البدعة، وزال لبسها عن أذهان الناس، وكان من نتائج هذه الطريقة أن كثر أعداؤه، بل وعاد بعض مادحيه ذاماً، يقول الذهبي (ت - ٧٤٨هـ) رحمه الله.

(.. وإلا والله فلو لاطف الخصوم، ورفق بهم، ولزم المجاملة، وحسَّن المكالمة، لكان كلمة إجماع، فإن كبارهم وأئمتهم خاضعون لعلومه وفقهه ... ) (٢) .

يقول البزار (ت - ٧٤٩هـ) رحمه الله حول أسباب عداوة المناوئين لابن تيمية رحمه الله: (كان إذا وضح له الحق يعض عليه بالنواجذ، ولا يلتفت إلى معاند، فاتفق غالب الناس على معاداته، وجُلّ من عاداه قد تستروا باسم العلماء والزمرة الفاخرة، وهم أقبل الناس في الإقبال على الدنيا، والإعراض


(١) انظر: ما كتبه الكوثري والحبشي والسقاف حول ابن تيمية، فلا يقبلون منه خيراً مطلقاً، وكل كلامهم حوله إنما هو ذم له.
(٢) انظر: ترجمة ابن تيمية من ذيل تاريخ الإسلام للذهبي (ضمن ثلاث تراجم نفيسة مستلة منه ص٢٤) ، وانظر حول هذا المعنى: الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب ٢/٣٩٤، ٣٩٥، الدرر الكامنة لابن حجر ١/١٦١.

<<  <   >  >>