للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مصعبٌ معطَّرا (مصعب بن عمير) لـ (إبراهيم عزت)

وكان مصعبٌ معطَّرا

بأندر العطور

وكان يلبس الحرير

وكان شامةً أحبَّت الحياة

وزهرةً تنفَّست روائح النعيم

وفجأة تغيَّرت ملامحه ..

وحينما رأته أمُّه تجهَّمت

نادت أباه: يا عمير

صغيرنا الحبيب

مثقَّلٌ بسرِّه

لابدَّ أنه أحب

هوِّن عليك يا فتي

لو أنَّ ما أردتها تقيم في القمر

لو أنَّ دارها بعيدةٌ عصيَّة السَّفر

لو أنَّها تقيم في جناح طائرٍ ..

أو بين أنفس الدُّرر.

لأتت إليك إن أمرت دون لمحة البصر.

ضحك الجميع حوله ..

لكنّه لم يبتسم

وسري الوجومُ قاسياً ..

علي مشارف النَّغم

وطال صمته ..

حتي انتهي مطاف صبرهم ..

فتحركت في البيت صيحة الغضب ..

لابدَّ من نهاية لذلك العجب

ولم تطل إجابته ..

في لفظتين قالها: (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله)

وتحرَّك الطُّوفان نحوه

لكن سَّره المنيع صدَّه

أمي .. أبي: لقد عشقت نوره

عيناي تبصران حينما أراه

وحينما يردد الحديث مشرقاً

أحسُّ أنه يقدِّم الحياة

يحرِّرُ القلوب كي تُسبِّح الإِله

أمي .. أبي .. قد عاود النداء صوته

وإنني أدعوكما ..

فلتذهبا معي إليه

يا للأسي ..

لن أنتظر ..

دعاني الحبيب أن أجيب

لبيك يا حبيب

(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياءٌ عند ربِّهم يرزقون)

وحينما تحرَّكت خطي الوداعِ في الطَّريق

لم تكتم العيون دمعها

لأنَّه أحبَّهم ..

لأنه إذا ابتدا المسير لن يعود.

(والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام ٌ عليكم بما صبرتُم فنعم عقبي الدار)

<<  <  ج: ص:  >  >>