للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكذب، وقد لعن رسول الله من سب أصحابه، فالمكذب لأصغرهم - ولا صغير فيهم - داخل في لعنة الله التي شهد بِها رسول الله صلى الله عليه وسلم وألزمها كل من سب واحدا ًمن الصحابة أو طعن عليه (١).

وقال رحمه لله في موضع آخر: وهذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة؛ لأنه جعل لمن بعدهم حظاً في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم، وأن من سبهم أو واحداً منهم أو اعتقد فيه شراً إنه لا حق له في الفيء روي ذلك عن مالك وغيره (٢).

وقال الإمام ابن كثير: وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة: أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب، لعدم اتصافه فيما مدح الله به هؤلاء قولهم [رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ] (٣).

قلت: ومع كون هذا السب للصحابة الكرام رضي الله عنهم تكذيب صريح للقرآن الكريم وللسنة النبوية المطهرة، وتنقص لجناب المولى سبحانه وتعالى، وتنقيص من حق المصطفى بل وطعن فيه، وهدم للشريعة، مع ذلك فإن القوم مافتئوا يسبون ويلعنون سراً وجهاراً حتى وقعت بسببه فتن


(١) القرطبي: مرجع سابق: ١٦/ ٢٥٢
(٢) القرطبي: مرجع سابق: ١٨/ ٣٠
(٣) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٤/ ٣٦٣.

<<  <   >  >>