٣ - وفي أحداث هذه الغزوة وثنايا هذه السورة العظيمة المباركة: يحث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، ويقول: تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثاً، فجاء عبد الرحمن بن عوف فقال: يا رسول الله: عندي أربعة آلاف: ألفين أقرضهما ربي، وألفين لعيالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت. وبات رجل من الأنصار، فأصاب صاعين من تمر، فقال يارسول الله: أصبت صاعين من تمر، صاع أقرضه لربي، وصاع لعيالي، فلمزه المنافقون وقالوا: ما أعطى الذي أعطى ابن عوف إلا رياءً، وقالوا: ألم يكن الله ورسوله غنيين عن صاع هذا.
يقول الإمام ابن كثير: وهذه من صفات المنافقين، لا يسلم أحد من عيبهم، ولمن هم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا: هذا مراء، وإن جاء بشيء يسير قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا (١)
فأنزل المولى سبحانه وتعالى دفاعاً عنهم قوله تعالى:[الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ والذين لا يجدون إلا جهدهم فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] التوبة ٧٩.
ومعني يلمزون: أي يعيبون، والمطوعين: أي المتطوعون، والتطوع: