٥ - والله جل وعلا، في أكثر من موضع يبين فضل الصحابة ومكانتهم، ويعاتب فيهم نبيه عليه الصلاة والسلام: فيقول في شأن ابن أم مكتوم، وكان ممن أسلم قديماً، أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ويلح عليه، فعبس النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وأعرض عنه، وأقبل إلى من كان يخاطبه من عظماء قريش ممن قد طمع في إسلامه فقال المولى جل شأنه [عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى، وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى] عبس ١ - ١٠.
قال الإمام القرطبي: الآية عتاب من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في إعراضه وتوليه عن عبد الله بن أم مكتوم، وكان قد تشاغل عنه برجل من عظماء المشركين.
وقيل: إنما قصد النبي صلى الله عليه وسلم تأليف الرجل، ثقة بما كان في قلب ابن أم مكتوم من الإيمان، كما قال عليه الصلاة والسلام:(إني لأصل الرجل وغيره أحب إليّ منه، مخافة أن يكبه الله في النار على وجهه).
قال ابن زيد: إنما عبس النبي صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم وأعرض عنه؛ لأنه أشار إلى الذي كان يقوده أن يكفه، فدفعه ابن أم مكتوم، وأبى إلا أن يكلم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يعلمه، فكان في هذا نوع جفاء منه، ومع هذا أنزل الله في حقه