نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه، فأنزل الله عز وجل [وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ](١)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يصبر نفسه معهم كما أمره الله تعالى في قوله [وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ] الكهف ٢٨. فكان لا يقوم حتى يكونوا هم الذين يبتدئون القيام.
فقال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام:[مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ] أي: ما عليك من جزائهم ولا كفاية أرزاقهم، فجزاؤهم ورزقهم على الله، وجزاؤك ورزقك على الله لا على غيره، فإذا كان الأمر كذلك فأقبل عليهم وجالسهم ولا تطردهم مراعاة لحق من ليس على مثل حالهم في الدين والفضل.
[فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ] والمعنى: أن أولئك الفقراء يستحقون من التقريب، فبطردهم تضع الشيء في غير موضعه، فتكون من الظالمين، وحاشاه عن وقوع ذلك منه، وإنما هذا بيان للأحكام، وهو من باب التعريض؛ لئلا يفعل ذلك غيره صلى الله عليه وسلم من أهل الإسلام، وهذا مثل قوله تعالى [لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ] الزمر ٦٥. وقد علم الله منه أنه لا
(١) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل سعد بن أبي وقاص (٢٤١٣)