للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتفرق على الرضا، فخاف قتلة عثمان رضي الله عنه من التمكن منهم والإحاطة بهم، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا، ثم اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فريقين، ويبدؤوا بالحرب سحرة في العسكرين، وتختلف السهام بينهم ويصيح الفريق الذي في عسكر علي: غدر طلحة والزبير، والفريق الذي في عسكر طلحة والزبير: غدر علي، فتم لهم ذلك على ما دبروه، ونشبت الحرب، فكان كل فريق دافعاً لمكرته عند نفسه، ومانعاً من الإشاطة بدمه، وهذا صواب من الفريقين وطاعة لله تعالى، إذ وقع القتال والامتناع منهما على هذا السبيل، وهو الصحيح المشهور والله أعلم (١).

إذن: فجهد طلحة والزبير وعائشة على الأخذ بالقصاص من قتلة عثمان، حتى قال طلحة رضي الله عنه إنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى.

وكان الحسن بن علي مبادراً نصرة عثمان كثير الذب عنه. ومع ذلك لم يشارك في القتال لا لطلحة ولا الزبير. لكن قُتل طلحة والزبير، فقال علي رضي الله عنه لما قُتل طلحة وأجلسه ومسح الغبار عن وجهه ولحيته، وهو يترحم عليه، وقال: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة. قال الإمام الذهبي: مرسل. ثم قال: بشروا قاتل طلحة بالنار (٢). ولما جيء برأس الزبير إلى علي بكى وقال: تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار، حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن قاتل


(١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ١٦/ ٢٧٠
(٢) الذهبي: سير أعلام النبلاء: ٣/ ١٦، ٤/ ١٣٤

<<  <   >  >>