للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكفيتكموه، ولكن له صحبة منه. فها هو ذا عمر على صرامته في الحق قد توقف عن معاتبته فضلاً عن معاقبته؛ لكونه علم أنّه حظي بشرف الصحبة (١).

فكانوا رضي الله عنهم أطوع الناس لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وأسرعهم فيئة إلى الحق، وأكرمهم للحق، فما من خلق حسن إلا ولهم منه أكمله، وما من عمل بر إلا وهم أوله، حازوا قصب السبق في كل مجالات الحياة، فهم العلماء العاملون، والرواد المبدعون، وأهل الفكر والفهوم، وكانوا إذا جن عليهم الليل قليلاً ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم، فهم رهبان الليل وفرسان النهار.

قال الله تعالى عنهم [وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً] النساء ٨٧، [أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] وقال سبحانه وتعالى عنهم [وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً] النساء ١٢٢، [فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ] الحشر ٩.

ولا يعني بحال من الأحوال، أن هذه الأعطيات والمنح الإلهية الربانية لأولئك القوم وذاك الجيل، كانت موجباً للكسل والتواني، بل كانوا أقوم الناس بالحق، وأقولهم للحق، وأشجعهم في نصرة الحق [وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ] الحشر ٨. والصحابة رضي الله عنهم أعرف الناس للحق، واتبع له. يقول الإمام ابن القيم: كل من كان أعرف للحق واتبع


(١) أبو شهبة: دفاع عن السنة: ٩٣

<<  <   >  >>